لم تكتف مليشيا الحوثي بنهب موارد الدولة في المناطق التي تسيطر عليها، بل عمدت إلى اختراع وسائل جديدة لنهب ما في جيوب المواطنين وبيوتهم، وتجفيف مصادر الدخل؛ ليصبح أكثر من (60%) من السكان على بعد خطوة واحدة من المجاعة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
لا تكتفي مليشيا الحوثي بما حصلت عليه من الأموال التي تجنيها من دخل الضرائب والجمارك يوميًا، والاستيلاء على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الأممية والإغاثية، بل اتجهت إلى السيطرة أيضا على مصلحة الواجبات الزكوية وفصلتها عن وزارة المالية وأنشأت لها حسابات مالية مستقلة، وكلفت مشرفيها بجمع الزكاة من المواطنين والتجار بشكل مضاعف.
السيطرة على موارد المجتمع وتجفيف مصادر دخل المواطنين ونهب أموالهم بالقوة باسم الزكوات ليست كل ما يقوم به الحوثيون في سياق تجويع اليمنيين، بل عمدت المليشيا مؤخرا إلى منع التجار مما كانوا قد اعتادوا عليه منذ عقود من استغلال رمضان لتوزيع بعض المساعدات للمحتاجين.
نهب ممنهج
مَنْعُ التجار في مناطق سيطرة الحوثيين من توزيع أي مساعدات أو صدقات خارج صناديق المليشيا، ليصب كل ذلك في دعم مجهودها الحربي وإثراء قياداتها، فيما ملايين اليمنيين يعيشون أوضاعا مأساوية غير مسبوقة.
الكاتب والباحث نبيل البكيري قال: “إن إجراءات وتصرفات مليشيا الحوثي بحق التجار ومنعهم من توزيع الصدقات لا تخرج عن السياق العام لتفسير المليشيا للنصوص الدينية واختراعها دين جديد لا علاقة له بالإسلام الذي يعرفه الناس”.
وأضاف البكيري: “أن الصدقة أو الزكاة التي يعرفها المسلمون هي ركن من أركان الإسلام، وهي مثلها مثل الصلاة، بحيث لا تكون جبرية أو قسرية، لأن هذه الأمور مناط العبادة فيها التكليف والتسليم والاختيار الفردي، وبالتالي لا تجبر على الناس أن يؤدوها قسرا؛ لأنها تحول الناس إلى منافقين يعملون بعكس ما يؤمنون”.
امتداد تاريخي
بدوره الأكاديمي والباحث السياسي فارس البيل، قال: “إن ما تمارسه مليشيا الحوثي هو امتداد لمهمة الإمامة في التاريخ اليمني المعاصر التي كانت تعتمد على الجباية”.
وأوضح أن هدف مليشيا الحوثي من هذه الممارسات هو افقار الناس وإذلالهم، وبناء اقتصاد طويل الأمد بالنسبة لها؛ لأنها تمتلك سيولة مالية كبيرة من العملة الصعبة والعملة المحلية.
وأضاف: “أن مليشيا الحوثي تمارس عملية نهب أموال الناس بكثير من المنهجية وبكثير من الأداء الكهنوتي الذي تريد من خلاله أن تذل اليمنيين إلى أبعد حد، وأن تنهب أموالهم حتى آخر ريال في جيب اليمني”.
وأشار البيل إلى أن مليشيا الحوثي أوصلت أكثر من (80٪) من اليمنيين في ظرف عام إلى حافة المجاعة، وحولت المجتمع اليمني إلى أكبر كارثة إنسانية على مستوى التاريخ المعاصر، ومع ذلك لا تتحدث المليشيا بهذا الأمر، بل تذهب إلى التباهي بكثير من السلوك المتجبر أمام الناس وكأنها تريد أن تقول لهم بأنها الجنة ومن لم يأتي معها سيبقى في حالة الذل والمهانة.
من جهته، قال رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات محمد العمدة: “إن مليشيا الحوثي تسعى بشكل ممنهج إلى تجويع المدنيين اليمنيين وقتلهم بالتجويع من خلال نهب المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية”.
وأضاف أن مليشيا الحوثي أصبحت اليوم تساوم اليمنيين على أن تعطيهم سلال غذائية مقابل ذهاب أبنائهم إلى جبهات القتال، واستخدمت في هذا الخصوص العديد من الحيل، منها رفع قاعدة بيانات للمنظمات الدولية بأسماء المقاتلين التابعين لها على أنهم محتاجون، وفرضت على هذه المنظمات مشرفين يعملون على توزيع المساعدات للأسر الموالية لها.
ولفت إلى أن مليشيا الحوثي سعت مؤخرا إلى منع توزيع المساعدات والزكاة التي يقوم التجار ورجال الأعمال والخيرين بتقديمها للأسر المحتاجة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهذا يعتبر جريمة مخالفة للقانون المحلي والقوانين الدولية، ومخالفة للعرف القبلي ولعادات وتقاليد المجتمع اليمني.
0 تعليق